كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(ثُمَّ سَائِرَ الْعَرَبِ) ظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْأَنْصَارِ عَلَى مَنْ عَدَا قُرَيْشًا، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِوَاءُ جَمِيعِ الْعَرَبِ لَكِنْ خَالَفَ السَّرَخْسِيُّ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الثَّانِي (ثُمَّ الْعَجَمَ) مُعْتَبِرًا فِيهِمْ النَّسَبَ كَالْعَرَبِ فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى نَسَبٍ اُعْتُبِرَ مَا يَرَوْنَهُ أَشْرَفَ فَإِنْ اسْتَوَى هُنَا اثْنَانِ فَكَمَا يَأْتِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ أَقْرَبُ مِنْهُمْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْرَفُ وَمَتَى اسْتَوَى اثْنَانِ قُرْبًا قُدِّمَ أَسَنُّهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا سِنًّا فَأَسْبَقُهُمَا إسْلَامًا ثُمَّ هِجْرَةً كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُقَدِّمُ بِالسَّبْقِ لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ بِالسِّنِّ ثُمَّ بِالْهِجْرَةِ ثُمَّ بِالشَّجَاعَةِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ وَاسْتُشْكِلَ تَقْدِيمُ النَّسَبِ عَلَى السِّنِّ هُنَا عَكْسُ الرَّاجِحِ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا بِهِ الِافْتِخَارُ بَيْنَ الْقَبَائِلِ وَثَمَّ عَلَى مَا يَزِيدُ بِهِ الْخُشُوعُ وَنَحْوُهُ وَالسِّنُّ أَدْخَلُ فِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ السِّنَّ كُلَّمَا زَادَ كَثُرَ الْخَيْرُ وَنَقَصَ الشَّرُّ قِيلَ عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ هُنَا غَيْرُهُ ثُمَّ؛ لِأَنَّ فَرْضَ ذَاكَ فِي اجْتِمَاعِ أَسَنَّ غَيْرِ نَسِيبٍ مَعَ نَسِيبٍ وَهُنَا فِي نَسِيبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَسَنُّ وَالْآخَرُ أَقْرَبُ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَسَنُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا مُقَدَّمٌ ثَمَّ لَا هُنَا وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرْته وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْأَقْرَبِيَّةَ مَلْحُوظَةٌ هُنَا كَالْإِرْثِ وَلِهَذَا فَضَّلَ الذَّكَرَ، وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِالسِّنِّ بِخِلَافِهَا ثَمَّ، وَهُوَ يَرْجِعُ لِمَا ذَكَرْته بَلْ مَا ذَكَرْته أَوْضَحُ فَتَأَمَّلْهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: نَدْبًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، ثُمَّ سَائِرُ الْعَرَبِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ إلَى سَمُّوا، وَقَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلِهِ: كَذَا قِيلَ إلَى الْمَتْنِ، وَإِلَى قَوْلِهِ: قِيلَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلَهُ فَإِنْ اسْتَوَى إلَى وَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحٍ وَالثَّانِي بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ.
(قَوْلُهُ: لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمْ) يَعْنِي بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ.
(قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) جَرَى عَلَيْهِ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ: الْآتِي آنِفًا.
(قَوْلُهُ: إنَّهُ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ.
(قَوْلُهُ: شَقِيقُ هَاشِمٍ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَّا فَعَبْدُ شَمْسٍ شَقِيقُهُمَا كَمَا مَرَّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ خَدِيجَةَ إلَخْ)، وَهِيَ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَنِي زُهْرَةَ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ وَجْهِ تَقْدِيمِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ عَلَيْهِمْ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ: ثُمَّ يُقَدِّمُ بَنِي مَخْزُومٍ، ثُمَّ بَنِي عَدِيٍّ لِمَكَانِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ثُمَّ بَنِي جُمَحٍ، وَبَنِي سَهْمٍ فَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ بَنِي عَامِرٍ ثُمَّ بَنِي حَارِثٍ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ تَقْدِيمَ الْأَوْسِ إلَخْ) وَالْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَهُمَا ابْنَا حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ: مَنْ عَدَا قُرَيْشًا.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِوَاءُ جَمِيعِ الْعَرَبِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَإِلَّا يَعْنِي سَائِرَ الْعَرَبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ خَالَفَ السَّرَخْسِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَالسَّرَخْسِيُّ نِسْبَةً إلَى سَرْخَسَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا سِينٌ، وَقِيلَ: بِإِسْكَانِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الثَّانِي) فَقَالَ بَعْدَ الْأَنْصَارِ مُضَرُ، ثُمَّ رَبِيعَةُ، ثُمَّ وَلَدُ عَدْنَانَ، ثُمَّ وَلَدُ قَحْطَانَ فَيُرَتِّبُهُمْ عَلَى السَّابِقَةِ كَقُرَيْشٍ مُغْنِي وَأَسْنَى.
(قَوْلُهُ: مُعْتَبِرًا فِيهِمْ النَّسَبَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَالتَّقْدِيمُ فِيهِمْ إنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى نَسَبٍ بِالْأَجْنَاسِ كَالتُّرْكِ وَالْهِنْدِ وَبِالْبُلْدَانِ، ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُمْ سَابِقَةٌ فِي الْإِسْلَامِ تَرَتَّبُوا عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَبِالْقُرْبِ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ، ثُمَّ بِالسَّبْقِ إلَى طَاعَتِهِ فَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى نَسَبٍ اُعْتُبِرَ فِيهِمْ قُرْبُهُ وَبُعْدُهُ كَالْعَرَبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي الْعَجَمِ وَقَوْلُهُ: فَكَمَا يَأْتِي أَيْ: آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: تَقْدِيمُ الْعَرَبِ عَلَى الْعَجَمِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَشَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ بِالدِّينِ) أَيْ: فَيُقَدِّمُ الْأَوْرَعَ فِي الدِّينِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ) أَيْ: بَيْنَ أَنْ يُقْرِعَ، وَأَنْ يُقَدِّمَ بِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ مُغْنِي وَشَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ) فِعْلٌ وَفَاعِلٌ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِمَا ثَمَّ) أَيْ: بِخِلَافِ الْأَقْرَبِيَّةِ فِي الْإِمَامَةِ فَلَيْسَتْ مَلْحُوظَةً فِيهَا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَرْجِعُ) أَيْ: فَرْقُ الزَّرْكَشِيّ وَقَوْلُهُ: لِمَا ذَكَرْته أَيْ: مِنْ الْفَرْقِ.
(وَلَا يُثْبِتُ) وُجُوبًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إثْبَاتِهِ مَفْسَدَةٌ كَادِّعَائِهِ أَنَّ مَانِعَهُ إنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ آخِرِ تَفْرِقَةٍ لِلْفَيْءِ عَلَيْهِمْ بِدَلِيلِ إثْبَاتِ اسْمِهِ قَبْلُ (فِي الدِّيوَانِ) مَعَ الْمُرْتَزِقَةِ (أَعْمًى وَلَا زَمِنًا وَلَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) لِنَحْوِ جُبْنٍ، أَوْ فَقْدِ يَدٍ، أَوْ جَهْلٍ بِالْقِتَالِ وَصِفَةِ الْإِقْدَامِ لِعَجْزِهِمْ وَمَحَلُّهُ فِي مُرْتَزِقٍ كَذَلِكَ أَمَّا عِيَالُ مُرْتَزِقٍ بِهِمْ ذَلِكَ فَيُثْبَتُونَ تَبَعًا لَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَفْهَمَ مَنْ لَا يَصْلُحُ الْأَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ جَوَازَ إثْبَاتِ أَخْرَسَ وَأَصَمَّ وَكَذَا أَعْرَجُ يُقَاتِلُ فَارِسًا وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ فِي هَؤُلَاءِ بِالْجَوَازِ وَفِي أُولَئِكَ بِالْحُرْمَةِ وُجُوبُ إثْبَاتِ الصَّالِحِ لِلْغَزْوِ الْكَامِلِ، وَهُوَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْبَصِيرُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ مَانِعٌ لِأَصْلِ الْغَزْوِ وَلَا لِكَمَالِهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ (وَلَوْ مَرِضَ بَعْضُهُمْ، أَوْ جُنَّ وَرُجِيَ زَوَالُهُ) وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ (أُعْطِيَ) وَبَقِيَ اسْمُهُ فِي الدِّيوَانِ لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ الْجِهَادِ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى) أَيْضًا لِذَلِكَ لَكِنْ يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ الدِّيوَانِ أَيْ وُجُوبًا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَاَلَّذِي يُعْطَاهُ كِفَايَةُ مُمَوِّنِهِ اللَّائِقَةِ بِهِ الْآنَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَسْكَنَتُهُ.
وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَقَالَ إنَّ النَّصَّ يَقْتَضِيهِ (وَكَذَا) يُعْطَى مُمَوَّنُ الْمُرْتَزِقِ مَا يَلِيقُ بِذَلِكَ الْمُمَوَّنِ، وَهُوَ (زَوْجَتُهُ)، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَمُسْتَوْلَدَاتُهُ (وَأَوْلَادُهُ)، وَإِنْ سَفَلُوا وَأُصُولُهُ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ فِي حَيَاتِهِ بِشَرْطِ إسْلَامِهِمْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ الْمَحْضِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ (إذَا مَاتَ).
وَإِنْ لَمْ يُرْجَ كَوْنُهُمْ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ بَعْدُ لِئَلَّا يُعْرِضُوا عَنْ الْجِهَادِ إلَى الْكَسْبِ لِإِغْنَاءِ عِيَالِهِمْ وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ هَذَا أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْ الْمُعِيدَ، أَوْ الْمُدَرِّسَ إذَا مَاتَ يُعْطَى مُمَوَّنُهُ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُهُ مَا يَقُومُ بِهِ تَرْغِيبًا فِي الْعِلْمِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صُرِفَ لِمَنْ يَقُومُ بِالْوَظِيفَةِ وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَالِ الشَّرْطِ فِيهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِأَبِيهِمْ الْمُتَّصِفِ بِهِ مُدَّةً فَمُدَّتُهُمْ مُغْتَفَرَةٌ فِي جَنْبِ مَا مَضَى كَزَمَنِ الْبَطَالَةِ وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ تَقْرِيرُ مَنْ لَا يَصْلُحُ ابْتِدَاءً. اهـ. وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بَيْنَ هَذَا وَالْمُرْتَزِقِ بِأَنَّ الْعِلْمَ مَحْبُوبٌ لِلنُّفُوسِ لَا يَصُدُّ النَّاسَ عَنْهُ شَيْءٌ فَيُوكَلُ النَّاسُ فِيهِ إلَى مَيْلِهِمْ إلَيْهِ وَالْجِهَادُ مَكْرُوهٌ لِلنُّفُوسِ فَيَحْتَاجُ النَّاسُ فِي إرْصَادِ أَنْفُسِهِمْ إلَيْهِ إلَى تَأَلُّفٍ وَبِأَنَّ الْإِعْطَاءَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ، وَهِيَ مَا هُنَا أَقْرَبُ مِنْ الْخَاصَّةِ كَالْأَوْقَافِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّوَسُّعِ فِي تِلْكَ التَّوَسُّعُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُعَيَّنٌ مُتَقَيِّدٌ بِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ نَشْرِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَكَيْفَ يُصْرَفُ مَعَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ مُمَوَّنَ الْعَالِمِ يُعْطَوْنَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ إلَى الِاسْتِغْنَاءِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ رَجَّحَهُ أَيْضًا، وَأَنَّ الْكَلَام فِي غَيْرِ أَوْقَافِ الْأَتْرَاكِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَسَاوَتْ مَا هُنَا وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ السُّبْكِيّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ إنَّمَا تَوَسَّعَ السُّبْكِيُّ وَمُعَاصِرُوهُ وَمَنْ قَبْلَهُمْ فِي الْأَوْقَافِ نَظَرًا لِمَا فِي أَزْمِنَتِهِمْ مِنْ أَوْقَافِ التُّرْكِ إذْ هِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَمَنْ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ يَأْخُذُهُ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ وَاقِفِيهَا وَمَنْ لَا فَلَا.
وَإِنْ وُجِدَتْ فِيهِ (فَتُعْطَى) الْمُسْتَوْلَدَةُ (وَالزَّوْجَةُ حَتَّى تَنْكِحَ) أَوْ تَسْتَغْنِيَ بِكَسْبٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ تَنْكِحْ فَإِلَى الْمَوْتِ، وَإِنْ رُغِبَ فِيهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (وَالْأَوْلَادُ) الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ (حَتَّى يَسْتَقِلُّوا) أَيْ يَسْتَغْنُوا وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ بِكَسْبٍ، أَوْ نَحْوِ وَصِيَّةٍ، أَوْ وَقْفٍ، أَوْ نِكَاحٍ لِلْأُنْثَى، أَوْ جِهَادٍ لِلذَّكَرِ وَكَذَا بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ إذَا بَلَغَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ بِالْبُلُوغِ صَلُحَ لِلْجِهَادِ فَإِذَا تَرَكَهُ وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْكَسْبِ لَمْ يُعْطَى ثُمَّ الْخِيَرَةُ فِي وَقْتِ الْعَطَاءِ إلَى الْإِمَامِ كَجِنْسِ الْمُعْطَى نَعَمْ لَا يُفَرِّقُ الْفُلُوسَ، وَإِنْ رَاجَتْ وَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِمْ لَكِنْ بِسَبَبٍ وَيُجِيبُ مَنْ طَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ إنْ رَآهُ أَهْلًا وَفِي الْمَالِ سَعَةٌ وَلِبَعْضِهِمْ إخْرَاجُ نَفْسِهِ لِعُذْرٍ مُطْلَقًا وَلِغَيْرِهِ إلَّا إنْ احْتَجْنَا إلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ الْمُقَدَّمِ عَلَى حَاجَتِنَا إلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لَنَا، أَوْ لَهُ أَعْظَمُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ حَاجَتِنَا إلَيْهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: أَمَّا عِيَالُ مُرْتَزِقٍ لَهُمْ ذَلِكَ فَيُثْبِتُونَ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ عِيَالَ الْمُرْتَزِقِ إذَا كَانَ بِهِمْ عَمًى، أَوْ زَمَانَةٌ، أَوْ عَجْزٌ عَنْ الْغَزْوِ يَثْبُتُونَ تَبَعًا لَهُمْ فَهَذَا، وَاضِحٌ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ لِبَحْثِ الْجَلَالِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوا لِلْقِتَالِ بَلْ أَعْطَى هُوَ مَا يَكْفِي مُؤْنَتَهُمْ.
(قَوْلُهُ: الْآنَ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُهُ هَلْ هُوَ كُلّ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ عِنْدَ حُضُورِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ، وَكُلُّ فَصْلٍ عِنْدَ حُضُورِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكِسْوَةِ؟.
(قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّ هَذَا التَّرَدُّدَ خَاصٌّ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْطِي فِي حَيَاتِهِ لِمَوْتِهِ- وَلَوْ كَافِرًا لِظُهُورِ التَّبَعِيَّةِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَضَعْفِهَا بَعْدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَالْمُمْتَنِعُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ تَجْوِيزَ تَقْرِيرِ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلتَّدْرِيسِ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ، وَيُسْتَنَابُ عَنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صُرِفَ لِمَنْ يَقُومُ بِالْوَظِيفَةِ، وَقَضِيَّةُ فَرْقِ غَيْرِهِ امْتِنَاعُ هَذَا، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ تَكُونَ الْوَظِيفَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُدَرِّسِ لِوَلَدِهِ، وَأَنَّهُ يُسْتَنَابُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَصْلُحْ لِمُبَاشَرَتِهَا حَتَّى يَجُوزَ تَقْرِيرُ الْوَلَدِ قَبْلَ صَلَاحِهِ، وَيُسْتَنَابُ عَنْهُ، أَوْ لَا فَيُقَرِّرُ غَيْرَهُ إلَى صَلَاحِهِ، فَيُعْزَلُ الْأَوَّلُ، وَيُقَرِّرُ هُوَ، فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ السُّبْكِيّ) مِمَّا يَبْعُدُ، أَوْ يَمْنَعُ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ قَوْلِهِ: وَلَا نَظَرَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ: إنَّ احْتَجْنَا إلَيْهِ امْتَنَعَ مُطْلَقًا) أَيْ: لِعُذْرٍ، أَوْ لَا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: الْإِطْلَاقُ فِي هَذَا الْقَوْلِ أَكْبَرُ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي الْمُعْتَرَضِ عَلَيْهِ فَمَا مَعْنَى الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ، وَالِاسْتِدْرَاكِ بِهَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وُجُوبًا) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ وُجُوبُ ذَلِكَ. اهـ.